الجمعة، ١٥ نيسان ٢٠١١

حقن الانعاش والتغيير المستحيل

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي

 لاشك ان موت عبد العزيز الحكيم مسرطن الرئتين قد جاء في وقت كان فيه المجلس كله يحتضر. وهذا الاحتضار لم يكن مقتصرا على الفشل السياسي الميداني الذريع فقط، حيث التقهقر المهين في الانتخابات الاحتلالية رغم التزوير والباطل ودعم النظام الايراني ممثلا بالمال والبشر وصناديق مملوءة تعبر الحدود المحروسة بمجاميع بدرية! بل تعداه الى سقوط مدو في نتائج تهافت المجلس على الفيدرالية وما صاحبها من رجّة عنيفة افصحت عن ضحالة التركيب السياسي لعناصر الزعامة في المجلس والفكر السياسي للمجلس ككل. وأهم مظاهر هذه الرجّة قد تمثلت باضطرار ايران الى توريث رئاسة المجلس الى الولد الصغير عمار الذي عرف بين العراقيين بشراهته لتملك العقارات والبساتين ومنشآت الدولة، فضلا عن تصورات عريضة عن كون الولد مصاب بظواهر عديدة من الشذوذ الجنسي والشخصي, وروح دموية خاصة ورثها عن ابيه وعمه. ورغم مظاهر مزيفة للتوحد غير ان توريث الصغير عمار على حساب الحيتان الهرمة المعروفة كعادل عبد المهدي زعيم الانتقال التنظيمي من الشيوعية الى البعثية وصولا الى الفارسية, وهادي العامري قائد تصفيات الضباط والطيارين والبعثيين وعلماء العراق مشاركة مع الجلبي والقبنجي زعيم الموت المجاني خنقا وتسميما في اقبية النجف ودهاليزها التحتانية المظلمة وجلال الدين الصغير زعيم المسلخ البشري المعروف في مسجد براثا, غير ان المجلس قد فقد البوصلة وتاه في برك المستنقع الذي سقط فيه بفعل رفض شعبنا العظيم عموما واهل الفرات والجنوب خصوصا لعمالته واجرامه وبرامجه السياسية الفارسية. ولم يكن امام النظام الايراني بدا من ان يدخل عدة مرات عبر قاسمي ولاريجاني فضلا عن نجاد وخامنئي لحقن المجلس بحقن الانعاش وتوجيه الصغير عمار للعب دور العرّاب في عملية الانعاش …
    فهل يستطيع الصغير عمار احتواء الازمة المهلكة التي اسقط فيها شعبنا المجلس عبر مقاومته المسلحة الباسلة وعبر وسائل مقاومة مبتكرة اخرى؟ هذا ما سنحاول الاجابة عليه هنا طبقا لمعطيات الساحة العراقية وتداعيات الاحداث فوقها.
    داخليا, تحركت النصائح الايرانية لذراعها الاهم الذي وهن على نحو مفجع  في محاولات مستميتة لاعادة اللحمة الى ائتلاف دخل العراق ممثلا لايران عسكريا وسياسيا ضمن حصتها بدعم الغزو والاحتلال ومحاولة اعادة استخدام الائتلاف للتغطية على السقوط المريع والمدوي للمجلس, غير ان اصرار المالكي على استثمار وجوده على هرم سلطة الاحتلال لتكريس ارجحية حزب الدعوة العميل والنجاح الظاهري الذي حققته خدعة الاختباء لطائفيته الشخصية والحزبية وراء كذبة دولة القانون قد جعلت من عمار يتجه نحو الاختباء بخدعة شبيهة بخدعة عمه الاكبر حزب الدعوة بجناحه الخاضع للمالكي فاتجه نحو تشكيل تحالف يتمترس ويختبئ خلف (الوطنية). ورغم ان الهيكل الزائف قد تشكل فعلا بمعونة لوجستية من لاريجاني غير انه ولد كسيحا وصاحب ولادته نزف زاد الوهن المجلسي واضعف ايضا قدرات الصغير عمار التي راهن عليها منافقيه والمتزلفين له ولعائلته واهمها على الاطلاق الرهان على قدرته الخطابية التي تدرب عليها منذ طفولته كقارئ على منابر الطائفية ولا نقول الحسينية لكي لا نُدنّس ذكر منابر سيد الشهداء أبا عبد الله عليه السلام.
  في تقديرنا المنطلق من واقع الارض ان الجهات التي تحالف معها عمار في محاولته خداع الناس بانهم في المجلس الاسلامي الفارسي قد غادروا الطائفية والفيدرالية لم تكن تلك التي تمتلك علاج الانقاذ الذي نشدته ايران عبر تنشيط الصغير عمار، بل هي عناصر فاقدة للمصداقية بصورة شيخ كان عضو قيادة فرقة في حزب البعث العربي الاشتراكي او شبه شيخ فقد كل او معظم ظهيره العشائري وما شاكل  ذلك. وعليه فان الحقنة الوطنية المخادعة قد انجبت نطفة واهنة وجنينا معاقا وظل المجلس يبحث عن منبع او مصدر بديل عن حزب الدعوة كقوة اسناد سياسي له, لذلك توجه المجلس والصغيرعمار نحو مسارات اخرى.
الخط الثاني لتوجه عمار لانقاذ مجلس ايران الخائن هو زج قادة المجلس الايراني في الانتخابات خارج اطار الائئتلاف الوطني المزعوم وادخالهم بصفة مستقلين يتحركون تحت لافتات عشائرية ويمنون النفس بدعم عشائري. وهنا ايضا نرى ان الخطة ليست اصيلة بل نتاج للارتباك والعشوائية وهكذا خطوات تولد ميتة او في اقل تقدير معاقة. وما يهمنا هنا هو ليس مسألة الفوز او الخسارة في انتخابات نحن لانعترف بها اصلا لانها باطلة بنت باطل وعميلة بنت عملاء بل يهمنا ان نرى المشروع الاحتلالي الايراني وهو يندحر ويتقهقر متاثرا بأدوات هو اوجدها وتبناها من بينها الانتخابات تحت حراب الاحتلال الغاشم. هكذا نتيجة تصب في محصلتها الاجمالية في خانة خيار العراقيين الاخيار المؤمنين بان المقاومة المسلحة هي الطريق الوحيد لانهاء الاحتلال ومعالجة نتائجه الكارثية. وتبقى صورة المجلس وزعيمه المراهق عمار تبدو كلُجة في بحر متلاطم الامواج وقد غلبها التقهقر وباتت لطخة سوداء في تاريخ العراق يخبو اشراق الضوء حولها بدون توقف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق